الجالية المغربية داخل الولايات المتحدة


306-Moroccan_pride


كان المغرب أول بلد في العالم يعترف باستقلال الولايات المتحدة قبل أكثر من قرنين، كما أن أول مهاجر عربي وطئت أقدامه أرض العالم الجديد كان مغربيا من منطقة زمور، غير أن ذلك لم يساهم في جلب عدد كبير من المهاجرين المغاربة إلى الولايات المتحدة رغم أن ذلك الأمر بدأ يتغير في الفترة الأخيرة.

قصة الزموري مع العالم الجديد
في الطابق الثاني من المتحف العربي الذي يقع في مدينة ديربورن بولاية ميتشغان الأميركية، يفاجأ الزوار أثناء تجولهم بين معروضات جناح "المجيء إلى أمريكا"، بسماع أصوات أمريكيين عرب يصفون الأحداث الدراماتيكية التي صادفتهم لدى مغادرتهم أوطانهم ووصولهم إلى الولايات المتحدة. وتنساب الأصوات والقصص. ففي حين يقول رجل، "قبّلت الأرض الأمريكية،" يقول آخر، " تمثال الحرية بدا جميلا عندما رأيته أول مرة"، لكن أكثر ما يعرضه الجناح إثارة هو قصة أول مهاجر عربي قدم إلى الولايات المتحدة وكان ذلك سنة 1528 ويدعى الزموري. والزموري مواطن مغربي من منطقة آزمور المعروفة بأوليائها الثلاثة (مولاي بوشعيب الرداد ولالة عيشة البحرية ثم لالا يطو). تقول بعض المصادر إن الزموري وقع في الأسر وبيع كعبد سنة 1511. وبعد 16 عاماً أمضاها في الأسر، نُقل إلى أمريكا في العام 1528 ضمن بعثة استكشاف إسبانية، وتشير إليه بعض المراجع الأمريكية بوصفه مستكشفاً عظيماً في جنوب غرب الولايات المتحدة، ومعالج شهير للأمراض ومترجم ذائع الصيت. ويعتقد أن الزموري كان أول شخص يتحدث اللغة العربية في العالم الجديد على الإطلاق.

أرقام عن الجالية المغربية
حسب موقع الوزارة المغربية المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج فإن عدد المهاجرين المغاربة المقيمين داخل الولايات المتحدة يفوق بقليل مئة وخمسة وخمسين ألف شخص، غير أن بعض مواقع المنظمات المغربية الناشطة داخل الولايات المتحدة تؤكد أن عددهم لا يقل عن مئتين وخمسين ألف شخص. ولا تتوفر إحصائيات دقيقة عن العدد الحقيقي للمهاجرين المغاربة لسببين رئيسيين، أولهما أن المهاجرين المغاربة لا يسجلون أسماءهم لدى القنصليات المغربية إلا في حالة احتياجهم وثيقة رسمية تلزمهم التعامل مع سفارة بلادهم وبالتالي وضع أسمائهم في سجلاتها. ثانيا، هناك العديد من المهاجرين المغاربة الذين يقيمون بصفة غير شرعية على أراضي الولايات المتحدة وبالتالي لم تقم سلطات الهجرة الأمريكية بإحصائهم ولا يؤخذون بعين الاعتبار عند محاولة حصر عدد المهاجرين المغاربة.
أسباب عزوف المغاربة في الماضي عن الهجرة إلى بلاد العم سام
تقول مصادر رسمية مغربية إن عدد المهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج يفوق ثلاثة ملايين شخص أي ما يقارب عشرة بالمئة من سكان المغرب البالغ عددهم أكثر من ثلاثين مليون نسمة. وقد بدأت موجة هجرة المغاربة إلى الولايات المتحدة بشكل متأخر جدا مقارنة مع دول الشرق الأوسط وترجع أسباب ذلك إلى ثلاث عوامل رئيسية.
أولا: عامل اللغة، فالمغاربة بشكل عام يتقنون الفرنسية التي تعتبر اللغة الأولى لدى بعضهم ولذلك كانت أوروبا هي القبلة المفضلة للمهاجرين المغاربة الذين يبدأون تعلم اللغة الفرنسية (بالإضافة إلى العربية طبعا) في المرحلة الابتدائية ويخيرون بين الإنجليزية والإسبانية في المرحلة الثانوية.
ثانيا: القرب الجغرافي. وهذا عامل لعب دائما لصالح القارة العجوز التي لا تفصلها عن المغرب سوى أربعة عشر كيلومتر (الممر البحري بين طنجة وإسبانيا)، حتى أن بعض الشباب المغاربة بالإضافة إلى مهاجرين أفارقة يحاولون الوصول بطريقة غير شرعية إلى الضفة الأوروبية عبر قوارب صغيرة يتخلصون منها في عرض البحر ويقطعون باقي المسافة إلى إسبانيا سباحة في مغامرة محفوفة بالمخاطر سمتها وسائل الإعلام المغربية بقوارب الموت أو رحلة الموت.
ثالثا: عامل البعد الجغرافي عن أمريكا. يبلغ معدل رحلة بالطائرة من مدينة نيويورك إلى مدينة الدار البيضاء ثمان ساعات، وهي رحلة طويلة مقارنة بساعتين تفصل بين الدار البيضاء وباريس مثلا. لهذا كانت الكثير من العائلات المغربية تمنع أولادها من الهجرة إلى الولايات المتحدة بسبب المسافة البعيدة التي تفصل المغرب عن الولايات المتحدة.

رغبة مغربية جامحة في تحقيق الحلم الأمريكي
شهدت السنوات الأخيرة إقبالا كبيرا من لدن المغاربة على المشاركة في قرعة اللوتري الأمريكية للحصول على بطاقة الإقامة داخل الولايات المتحدة. ويقول موقع اللوتري الرسمي التابع للحكومة الأمريكية إن واشنطن تحجب نظام اللوتري عن البلدان التي وصل عدد المستفيدين منها خمسين ألف مهاجر، ويبدو أن عدد المهاجرين المغاربة الراغبين في تحقيق الحلم الأمريكي عن طريق اللوتري مازال بعيدا عن ذلك الرقم بكثير، حيث تشير إحصائيات إدارة الهجرة الأمريكية إلى أن عدد المهاجرين المغاربة الذين حصلوا سنة ألفين وخمسة على بطاقة الإقامة بشكل قانوني لم يتجاوز الأربعة آلاف ومئتي شخص. لكن ذلك لا يعكس الرغبة الجامحة لدى المغاربة في تحقيق الحلم الأمريكي، والذين يلجأون أحيانا إلى دفع آلاف الدولارات لزوجات أمريكيات مزيفات يوافقن على مساعدتهم للحصول على الإقامة والجنسية إما مقابل مبالغ مادية صغيرة وإما تعاطفا من الأمريكيات مع وضعيتهم الصعبة.